مائة وخمسون عاماً مضت على ميلاده؛ الرجل الذي غير مجرى التاريخ المعاصر للهند، والذي تغير تاريخ العالم من بعده، " المهاتما غاندي " أي الروح العظيمة رمز السلام وبداية النور لكل الباحثين عن السلام والحرية والاستقلال، الذي كان لفلسفته وسياساته الدور الأكبر في استقلال الهند، وأستمر على مدى خمسين عاما يبشر بها ويدعوا إليها، وألهمت الكثير من حركات التحرر، وذلك عن طريق "المقاومة السلمية “أو فلسفة "اللاعنف"، حيث تمكن غاندي من إلغاء كل مظاهر التمييز استناد إلى مبدأي العدالة والمساوة، والاعتماد اقتصاديا على الذات، لقد ارهقت سياسات غاندي السلمية المستعمر البريطاني وعجلت بخروجه من الهند، فقال يوما: " أننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا، ولكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل".
ما أكثر حاجتنا اليوم في ظل انتشار العنف والصراعات للتمسك بفكر وسياسة غاندي، لتكريس قيم الإنسانية ونبذ العنف الذي دمر البشرية، لقد استطاع هذا الرجل بفضل هذه السياسات أن يجعل بلده يكسوه الأخضر ويلمع بالألماس، وأن يجمع حبات اللؤلؤ في عقد مترابط أثر بالإيجاب على الشخصية الهندية.
وفي مكان ليس ببعيد عن الهند وُجدَت روحاً عظيمة عاصرت غاندي واتفقت معه في فلسفته لنشر السلام واللاعنف، تلك القيم التي آمن بها الأب المؤسس وعمل من أجلها في التقريب بين شعوب العالم ونشر المحبة والتعايش من أجل خير البشرية وإسعاد الإنسانية، حيث تزدحم صفحات التاريخ ويعجز الوصف عما قام به -المغفور له- الشيخ زايد من أجل نهضة الإمارات، فقد قام بالتأسيس لكل شيء من الجذور حتى الانطلاق والنهوض، والأهم من ذلك إسهاماته في بناء الشخصية الإماراتية، فالتسامح والسلام وحب الخير من أهم ما غرس زايد داخل وجدان شعبه.
مائة وخمسون عاماً على مولد المهاتما غاندي، ومائة عام على ميلاد زايد المؤسس اللذان جمع بينهما وحدة الهدف لبناء وطن وشعب نواته التسامح والسلام؛ حيث تضم الهند مليار إنسان من مختلف المعتقدات استطاع غاندي تحويلهم الى قوة كبيرة بالتسامح واللاعنف وعلى الجانب الآخر بنى زايد وطنا وشعبا دستوره التسامح وحب الخير.
سيظل غاندي بما قدمه للهند أباً روحيا ومعلما، وسيظل الشيخ زايد -رحمه الله- بما قدمه لشعبه ووطنه وأمَّته الاب الروحي ليس للإمارات وحدها وإنما لكل العرب، فلترقد أرواحكم الطيبة في سلام.